زهرة النيلوفر
بقلم/ معاوية شلكاوي
– في صيف العام 2009 –
كنت أتجول بلا هدي في إحدي الساحات والتي أرتبطت بذاكرتي أنها مقــــام للمارسة أنشطة الرياضة
كُنتُ وثُلةٓ عصرآٓ نمارس تلك اللعبة كُرة القدم وأذكر أنهم سموني كـــابتنآٓ لسبب واحد أن الكرة التي يلعبون بها هي ملكي….!
إشتراها لي والدي فكانت أجمل هدية في تلكم الفِترة الزمنية من العمر
الساحة هي ذاتها لم يتغير فيهـــا الكثير سوي بعض أطراف المبــــــاني وساسها بفعل التقول عليها ومحلياتها..!
من رهقي قٓبعتُ بمنتصفها مسافة للتركيز وأي إتجاه أسلك…!
وأنا أهِمُ بالأنصراف فإذا بها تــــــأتي…
كزهرة النيلوفر يشع ثٓغرها بإبتسامة حتي أني تستمرت في مكاني للحظة لا أقوي علي الوقوف تقول….
معليش ياأستاذ معاوية أتأخرنا عليك…
قلت وأنا أزرع في وجهي إبتسامة بلهاء…
لامافي مشكلة وين مكان الكورس..؟
والكورس الذي أعنيه كان لمجموعة من الدارسين تم إختيارهم بعنــــــاية لتوصيل فكرة الإسعـــافات الأولية في تلكم الفترة والتي شملت منهج يحتوي علي النظري والعملي ببرنامج شيق شغوف به تملكني وإحساسي
أحمل فيه حقيبة وراء ظهري بها تلك الوســــائل والمجسمات والتي مافتأت تٓطِلُ برأسها غصبــــآٓ من حقيبة أحملها رهقــــآٓ تميل بي وأميل بها أهِم بها وتهِم بي تسعدني وأسعد بها تحتملني و(شنب عطية)… !
دلفتُ لهم وعتبة باب الفصل التي لم تحتمل وجودي..!
فصل دراسي أنيق به مجموعة كبيرة من الدارسين إستقبلوني ببشاشة ولطــــــافة ورهافة
تذكرت فيها حالما غني الكــــابلي
تــــــاني ريدة وكمان جديدة ياقلبي مالك في دروب دلالك تحكم علي بعيون سعيدة
كأنو ماشفت الغرام كأنو ماعشت الحقيقة
والحقيقة الماثلة أمامي والدهشة التي تملكتني أن كورسآٓ كان متفردآٓ والتركيز العــــــالي…
لاحظتُ علي مُنضدة موضوعة بالقرب مني أن حافظات الشاي والقهوة والعصير تملأ المكان بهجة وسرور ومودة وكرم يشبههم ويشبه تلك التفــاصيل الصغيرة التي لاتُحكي..!
لأكثر من خمسة دقائق كاملة كنت أتفرس فيهم..!
عٓمٓ الصمت المُطبق المكان ماعدا صوت مروحة السقف العتيقة….
بغتةٓٓ إنفجر الجميع ضحكآٓ وأنا بدوري بادلتهم الضحك في تلك العصرية الجميلة تتخلل أشعة الشمس الذهبية عبر باب فصلها العتيق
لم تمر دقيقة قلت بصوت تعمتده حازما وجهور
يلا ياشباب نكون جادين
فالتزم الفصل الصمت مرة أخري ماعدا صوت مروحة السقف العتيقة التي أثـــــارت حفيظتي
تلك المجموعة كانت متميزة إكتشفت أن فيها بعض طلاب ودارسي كلية الطب وكثير من دارسي أقسام الجامعات الأخري
قٓضيٓ الكورس مدة إسبوعين وبالثــــالث كان اللقــــــاء للترتيب كيف يكون شكل التخريج
في يوم التخريج وأنا أتوسط ثٓلة من الدارسين بمرايلهم الأنيقة التي إتخذت شكل عجيب والجمال اللافح
كُنت أنظر لشكل المسرح الأنيق للضيوف والأسر الذين توافدوا للمساء المخملي والفنان والعطر المنسكب وأنـــــــاقة المكان
كان كل شيئآ مرتبآ كمالأحلام
كُنت أزرع المشاعر جية وذهـــابآٓ مبتهجآ والدارسين كأسراب الحمام
كالفراشات النواضر كالعبير الدافق والنسمة الخلابة كأشواق ترقص طربآ لاتنــــــام
إفترقنـــــــا ومرت الأعوام….
زهرة النيلوفر شاركناها زواجها أيام وبعد مرور أعوام إلتقيتها بذات الإبتسامة التي تشع من ثغرها دوام
لها وردتين وزهرتين تحمل إحداهن علي كتفها والأخري لها ضفيرتين مليحتين ترتع كما الغزال
ودعتها وأنا أحمل ذات الحقيبة علي كتفي يٓطُل من رأسها غصبآ مجسمات لايحتملها كتفي وكتف الجمال مٓيِلْ
كيس تَسالي
بقلم/ عمر محمد نور
أنا كيسٌ صغير من البلاستيك ، مملوء بحبَّات التّسالي ، أتربَّع على سلّة صغيرة منسوجة من القش..
سأحكي لكم قصتي..
…
في يوم ما وجدت نفسي أخرج من ماكينة صغيرة ، شعرت ببعض الحرارة ، بعدها تم وضعي في رفّ من الخشب متشابكاً مع بعض الرفاق..
عرفت اسمي من زبائن المحل وتعرفت على رفاقي ونحن لا ندري لماذا صُنِعنا ، من نحن وماذا يُفعل بنا..
كنّا نتسائل بذلك حتى جاءت امرأة خمسينية ، أظنها تعمل بنفس السوق ، اشترتنا من البائع بثمن زهيد ، إذن فنحن لا نسوى الكثير ، ظهرت عليّ بعض علامات الإحباط ولكن حياتي الآن قد تغيرت على أي حال..
لم يمر الكثير حتى سحبتني تلك المرأة ، نفخت عليّ بعض الهواء ثم وضعت بداخلي حبَّات من التسالي ، الآن قد عرفتُ هويّتي ، أنا مجرد شيء توضع بداخله الأشياء ، أنا إناء وهذا تشبيه بسيط ، أنا حقيبة وهذا تشبيه حالم..
وضعتني السيدة على السلّة ورفاقي بجانبي ، أنا سعيد على أي حال ، فالسلة أكثر اتساعاً من الرف ، أو ربما أكثر انفتاحاً على العالم..
عدنا للسوق مرة أخرى ولكني الآن مختلف ، إسمي أضيف إليه جديد ، كنتُ كيساً فأصبحت كيس تسالي ، كالذي وجد عائلته الضائعة فأصبح ينادَى بها ، رأيت الطرقات ، المارّة ، الباعة المتجولون ، السيارات ، السماء ، الشمس ، وأشياء كثيرة..
بعض الأكياس الأخرى تضايقني ، تعلوني في السلّة ، تضايقني بشدة ، ولكنهم رفاقي ، كانوا يتناقصون يوماً بعد يوم، يؤخذون ثم يؤتى بآخرين ، لا أدري لماذا تبيعنا السيدة!
ومقابل مال!
ومال زهيد!
سحقاً..
ما هذه الحياة..
أصبحت أوَدِّع هذا وذاك وأنا لا زلت أتربع على سلتي الصغيرة حتى أصبحت عجوزاً
ربما سيتم رميي في الأوساخ يوماً أو ربما لا ، لا يهم ، أنا أفكر كثيراً ، من هذه الفتاة الجميلة القادمة نحونا ، لم أرَ مثل جمالها أبداً ، ربما تأخذني ، سأتنصت إليها..
– بكم هذا الكيس يا خالة؟
– ب5 جنيهات..
يا لَحظِّي الجميل ، كنت أنا ذلك الكيس..
– خذي الباقي يا ابنتي..
– لا دعيه معك يا خالتي لا أحتاجه..
عشرون جنيهاً كانت ثمني ، أزالت بعض إحباطي القديم..
حياة جديدة برفقة فتاة جميلة ، الحياة تصبح دوماً أفضل ، هذه العبارة كنت أسمعها دوماً من السيدة ، غداً أفضل..
وضعتني الفتاة في حقيبة حلمت لو أكون مثلها ولكني تفاجأت بأنها تحوي الكثير من الأشياء ، أشياء لا أستطيع حملها ، لن أذكرها لكم فالفتيات لا يحببن أن يُعرَف ما بداخل حقائبهن..
منزلها جميل ، ليس كمنزل السيدة ، لكن منزل السيدة أكثر ترتيباً ، ربما سأعيش هنا حياة أجمل ، ربما أصبح غنياً وثمني يصبح أكثر وأكثر ، من هذا الصبي الصغير ، أهو ابنها أم أخاها؟ إنها تعطيني له ، إنه يبتسم ، ينظر إليّ بفرح ، ابتسامة ساخرة تعلو وجهه..
يمسك برأسي..
يا للهول!! ما الذي يفعله!!
إنه يحاول تمزيقي بأسنانه!!
إلحقيني يا جميلة..
أدركيني أيتها السيدة..
إني أتمزّق إلى أجزاء..
نظرتُ إلى وجه الفتاة فوجدتها مبتسمة..
كأن ابتسامتها تقول:
لا تصرخ أيها الصغير ، لستَ سوى كيس تسالي لا تسمن ولا تغني من جوع ، أنت مجرد وعاء ، أنت لا شيء..